المغلف الذي وضعت به موجودات مريم عفيفي بعد اعتقالها من قبل الشرطة في 9 أيار 2021 | Khazaaen

المغلف الذي وضعت به موجودات مريم عفيفي بعد اعتقالها من قبل الشرطة في 9 أيار 2021

المغلف الذي وضعت به موجودات مريم عفيفي بعد اعتقالها من قبل الشرطة في 9 أيار 2021
Material Type: 
النسخة : 
Document Language: 
التاريخ: 
9 May 2021
هذه الوثيقة من مجموعة: 
Places: 
Personalities: 
الناشطة مريم عفيفي (الشيخ جراح)
Categories: 
عدد الصفحات: 
1
Period: 
دولة المنشأ: 
فلسطين

شهادة مريم عفيفي: في هذا الكيس البلاستيكي، وضع كلُّ ما كنت أحمله في حقيبتي ليلة ٨ أيار حين تم اعتقالي من حي الشيخ جرّاح في القدس، أما الحقيبة (إللي زعلت عليها) فقاموا بأخذها ورميها، ولم يرجعوها لي.
في العادة، كنتُ دائماً ما أحمل الحقيبة الكبيرة التي فيها "مليون شي وشي"، ولكن يوم قبل اعتقالي، أي في ٧ أيار، كنتُ قد تعرّضت للضرب أنا ومجموعة من البنات في حي الشيخ جراح من قبل بعض الجنود، والذين استطعنا الإفلات منهم بمساعدة بنات أخريات، ولكن وقتها أحد الجنود كان قد قام بشد حقيبتي الكبيرة التي كنتُ أحملها في ذلك الحين، وتمزيقها. لذلك ليلة ٨ أيار، حملتُ حقيبة جديدة كنت استخدمها لأولِ مرّة، وآخر مرّة. الجيد في الأمر أن الحقيبة الجديدة هذه كانت صغيرة الحجم، لذا ما كنتُ أحمله في هذه الليلة لم يتعدى بضع الأشياء.
تفريغ الحقيبة من مقتنياتها تمّ في مركز شُرطة البريد في شارع صلاح الدين قبل نقلي إلى المسكوبية أنا ومجموعة من الشباب. كنّا في غرفة صغيرة في المركز، أنا و٨ شباب بينهم ٣ أطفال، أعمارهم ١١، ١٤، ١٦، أجسادهم ووجوههم كانت مليئة بالكدمات كون أن أغلبهم كان قد تم اعتقالهم من قبل المستعربين، وكانوا قد اعتقلوا جميعهم إما من حي الشيخ جراح أو من منطقة باب العامود أو من رحاب المسجد الأقصى المُبارك، حيثُ ليلتها كانت القُدس "مولعة" بالمعنى الحرفي. كانت ليلتها ليلة قدر، الليلة الـ ٢٧ من رمضان، يومها منعت اسرائيل أهالي مُدن الداخل الفلسطيني من القدوم إلى القُدس، أوقفتهم على الطريق السريع رقم ١ بجانب أراضي قرية قالونيا، والتي عليها اليوم مستوطنات مفاسيرت، وقطعت الطريق عن باصاتهم التي كانت تزيد عن ٥٠ باص، وخيّرتهم، إما العودة بباصاتهم من حيث أتوا، أو المشي على الأقدام إلى القدس. اختاروا المشي ما يزيد عن مسافة ١٥ كيلو من الطريق السريع، تحت الشمس، نساء وأطفال ورجال وكبار في السن، لا ظلّ يحميهم إلا في الأنفاق الخطرة والملوثة، وصائمين فلا طعام ولا ماء. شكراً للواتساب، في غضون أقل من ساعة، عرف أهالي القدس عن الموضوع، فخرجنا بسيارتنا جميعاً لنلاقيهم. في ذلك اليوم، حصل ما اعتبره واحد من أجمل الأشياء التي حصلت في أيام هذه الهبة، حيث قام شباب وشابات القُدس، كردة فعل على منع أهالي الداخل من دخول القدس، بقطع طريق الشارع السريع من الجهة المقابلة، أي الطريق المؤدية إلى تل أبيب. اصطفت السيارات بالعرض مغلقة الطريق لما يقارب الساعتين، فتزاحمت السيارات بالآلاف. كان شرطُنا، إما أن تزيلوا الحاجز عن الفلسطينيين القادمين للقدس، وتسمحوا للباصات بالعبور، أو "مش متزحزحين". وهذا ما حصل، أذكرُ يومها (وكل ما أتذكر أضحك) كيف جاء مسؤول كبير في شرطة الاحتلال "يترجّى" الشباب بفتح الطريق وازالة السيارات، ونحنُ نجيب: "مش فاتحين لنتأكد"، وهو يحلف "والله فتحنا الطريق، والله فتحناها". طبعاً لم يكن باستطاعتهم استخدام القوة، لإن غالبية المقطوع عليهم الطريق من الوصول إلى تل أبيب وغيرها من المناطق كانوا اسرائيليين (حيثُ كانت ساعة افطار).
في مركز الشرطة، كانت أصوات المواجهات العنيفة من شوارع القُدس تصلنا، وكم رغبتُ بالنظر من الشباك الذي يطلُ على الشارع من الطابق الرابع أو الخامس، وامتاع ناظراي "بالثورة الشعبية"، لكن لم يكون مسموحاً بذلك، حيث حاولتُ أكثر من مرة، وتم توبيخي، غير أن أقدامي ويداي كانتا مكبلتان.
لا أعرف كم قضيتُ من الوقت في هذه الغرفة مع الثمانية الآخرين، ولكنها من فترة اعتقالي كانت الأجمل، حيث أن وجودي مع الآخرين كان مطمئناً لي، ومريحاً، ومضحكاً بعض الشيء. وسماعي لأصوات الشارع كان يبثُ فيَّ الأمل رغم سيطرة المجهولِ على تفكيري.