من شهادة مريم العفيفي حول هذه الصورة: هذه الصورة من فعاليات يوم النكسة، ٥ حزيران، من حي الشيخ جرّاح. في يومها، حضر كثيرٌ من أهالي القُدسِ إلى حيّهم مُرددين "لن نرحل". في الصورةِ يظهرُ بيت الغاوي الذي سُرق في عام ٢٠٠٩ مشوّهاً بأعلامٍ وأشكالٍ شاذةٍ وحوشية. فوقهُ عالياً تطير طائرةٌ ورقيةٌ على شكل العلم الفلسطيني. قصة هذه الطائرة تحكي الكثير عن نضالنا. بسببها، لوحقنا، وهوجمنا، وضُربنا، وطردنا، واعتقل اثنان من الموجودين. ولكننا نكنّ لها معروفاً، لأنه بسببها أيضاً، جُنّ الجنود وبدأوا بالتراكض وأعينهم مثبتة عليها، يبحثون عن طرفها الآخر. إن كان في الحيّ من هو غريبٌ ويجهل أحداث المكان، لوقع مغشياً عليه من الضحك على مشهد الجنود بزيهم العسكريِ وأسلحتهم، يرأسهم مسؤولهم بزيٍ أزرق يملي عليهم وابلاً من الأوامر بسببها، يلاحقون طائرةً ورقيةً، يعتقلونها، يجرونها ورائهم ويمزقونها. أكلُّ هذا من أجلِ طائرةٍ ورقية؟
في اليافطة مكتوبٌ "ولا مرّة نخاف، ولا مرّة ونص"، كلمات أغنية راب يغنيها ابن حي الطور في القُدس. كانت هذه الأغنية ملازمة لنا في تلك الأيام، مثل نشيدٍ نردده طوال الوقت. لربما أحسسنا نحن أبناء وبنات القدس أنه ولأول مرّة يوجد "نشيدٌ" يعبّر عن واقعنا بحذافيره. يوماً مثلاً سألتُ فتاة، كيف استطعتِ الوصول إلى الحي رغم كل الحواجز، أجابتني بكلمات من الأغنية "مرحب فيك في أولاد القُدس، بندبر حالنا نحل اللغز". الهاشتاغ نهاية اليافطة يقول "بلجان بلجان"... أي "فوضى فوضى".. وهذا واقع القُدس. كل فترة وفترة، تشتعلُ القدس. حيث أننا ما دُمنا تحت الإحتلال، سيبقى هناك "بلجان".